BBC عن
قد نلج إلى عالم العائلات الملكية عبر القصص الخيالية. فنلقي نظرة على الأميرات المتألقات والأمراء المحظوظين والملوك، الحكماء منهم والأشرار، الذين يسكنون بين سطور هذه القصص، التي نتعلم منها دروسا وعبرا كثيرة عن الحياة، وتتوغل حكاياتهم في وجداننا كتوغل الأغصان المتشابكة حول قصر الأميرة النائمة.
وترسخت الطقوس والمراسم والتيجان والعروش المرتبطة بالمؤسسة الملكية وفكرة القضاء والقدر التي تتجلى في الاستسلام للعنات الساحرات والآلهة والوعود الذهبية،في أذهاننا من قبل أن ندرك معناها.
بيد أن معظمنا يكتشف مع بلوغنا أن الجانب الساحر والخيالي من حياة أفراد العائلة الملكية هو سلاح ذو حدين.
صحيح أن البُسط الحمراء تُفرش لهم أينما يحلون، لكن شهرتهم فرضت عليهم منذ نعومة أظافرهم، وتلاحق الجواهر المبهرة أضواء الكاميرات التي تخطف الأبصار، لذا في أحيان كثيرة تتحول القصور إلى أقفاص ذهبية
وعلى الرغم من ذلك، من الصعب التخلص من الرغبة الجارفة في التعرف على حياة العائلة الملكية، ربما لأن أفراد هذه المؤسسة المحيرة التي تبدو كأنها تنتمي إلى عصور سابقة، قد تذكرنا بأيام كنا نتلهف لاستماع القصص الخيالية فيها، خاصة بعد أن أطفأت تفاصيل حياتنا اليومية هذه اللهفة بعد البلوغ.
بيد أن روايتين جديدتين أثبتتا أن الأدب الخيالي لا يزال يعد مدخلا للتعرف على جوانب عديدة من الحياة الملكية، فيتيح للمؤلفين استكشاف اللحظات الخاصة وسبر أغوار الشخصيات التي يُمنع المؤرخون وكتّاب السير الذاتية من الكتابة عنها بسبب البروتوكولات والقواعد الملكية.
والمفارقة أنه رغم الدور الطاغي الذي يلعبه أفراد العائلة الملكية في طفولتنا، إلا أن طفولتهم، بحكم الأعراف والتقاليد، تبين أنها كانت مليئة بالمشاكل والصعوبات، هذا ما تكشفه الروايتان “المربية” و”أميرة إنجليزية خالصة” ببراعة فائقة، لاسيما وأن المؤلفتين، ويندي هولندن وكلير ماكهيو، لديهما الهوس بالعائلة الملكية منذ الصغر.
كانت هولدن تعشق مطالعة الصور القديمة في كتاب جدتها وتتأمل مراسم تتويج الملك جورج السادس، والد الملكة إليزابيث الثانية.
وتقول هولدن: “كنت أعلم أن التيجان والفراء لها بريق آخاذ، ولكن أكثر ما كان يلفت نظري في هذه الصور هو الشخصيات، لأنها كانت تبدو كأنها مأخوذة من القصص الخيالية، ومنذ ذلك الحين، رغبت، في قرارة نفسي، في تحويلها إلى رواية. ولكن هذه الرغبة لم تتحقق حتى صادفت قصة ماريون كراوفورد الرائعة التي كانت مدخلا لروايتي”.
كانت كراوفورد مربية للأميرتين إليزابيث ومارغريت وكشفت لهما عن جوانب من الحياة العادية خارج القصر
وتقول هولدن: “إن التربية الملكية قد تكون مضرة إذا كانت تعزل أفراد العائلة الحاكمة عن الشعب الذي يكره الغرور والسلوكيات المتعجرفة. وقد شعرت كراوفورد أن إليزابيث ومارغريت تعيشان حياة رسمية ومنعزلة تتميز بطابع العصر الفيكتوري الذي لا يمت بصلة للعصر الحديث. ورأت أن هذا سيضرهما على المستوى الشخصي والعملي، كأفراد في العائلة الحاكمة. ولهذا اصطحبتهما خارج القصر لتريهما حياة الناس اليومية، وحفزت بداخلهما حس الفكاهة والإبداع والمغامرة”.
وترى هولدن، أنه بفضل كراوفورد، التي لا يزال اسمها مرادفا للخيانة في الأوساط الملكية، استطاعت هذه الطفلة الضعيفة والخائفة أن تصمد أمام بعض المنعطفات التاريخية التي مرت بها بريطانيا.
وتقول هولدن، إن كرافورد كانت تدعم الأميرتين وترشدهما في السنوات الفارقة عند التتويج المفاجئ لأبويهما بعد تخلي الملك إدوارد الثامن عن العرش، وأثناء الحرب العالمية الثانية، ولا شك أن هذه الأحداث، التي تستهوي المؤلفين لتحويلها إلى قصة خيالية، كانت بالتأكيد مرعبة ومربكة”.
وباعت رواية هولدن أكثر من ثلاثة ملايين نسخة عالميا، ولكن “المربية” تعد أولى محاولتها لخوض غمار القصص التاريخية، ومع أنها عكفت على قراءة جميع الكتب عن هذا العصر، حتى إنها كانت تبحث عن الكتب التي نفدت طبعاتها في متاجر الكتب المستعملة، إلا أنها تقول إن المصدر الرئيسي الذي استمدت منه روايتها كان خيالها.
أما ماكهيو، التي لديها خبرة 30 عاما في المجال الصحفي، فكانت تجد صعوبة في السماح لنفسها بشيء من الحرية في نسج بعض الأحداث الخيالية.
وتتناول روايتها “أميرة انجليزية خالصة”، حياة الأميرة فيكي، الابنة البكر للملكة فيكتوريا والأوقات العصيبة في حياتها، وقد استُغلت الأميرة فيكي لتحقيق مآرب سياسية، فقد تزوجت أمير ألماني وأنجبت القيصر فيلهلم الثاني، الذي زج ببلاده في آتون الحرب العالمية الأولى.