
كبرنا بهدوء: عندما تنضج الأرواح وتتغير الأولويات
#كبرنا_بهـــدوء … جملة تختصر الكثير من التغيرات النفسية والسلوكية التي نمر بها دون أن نشعر، لكنها تدل على أن النضج تسلل إلينا بهدوء، غيّر نظرتنا للحياة ولمن حولنا، وصقل قلوبنا بما يكفي لنتعامل مع كل شيء برقيّ وصمت.
كبرنا ولم نعد نبحث عن أصدقاء جدد
لم نعد نركض خلف العلاقات أو نلهث وراء من يحبنا أو لا يحبنا. أصبحنا نؤمن أن العلاقات الحقيقية لا تحتاج إلى سعي مستمر، بل إلى صدق ونقاء. النضج العاطفي علّمنا أن الاكتفاء بالنفس ليس انعزالاً، بل قوة.
كبرنا وارتدينا البساطة
أصبح تكرار ارتداء نفس الملابس لأسبوع أو أسبوعين أمرًا لا يحرجنا. صارت البساطة في المظهر جزءًا من راحة البال، فلم نعد نهتم كثيرًا بنظرة الآخرين، بل بما نشعر به نحن.
كبرنا وصارت مخاوفنا مختلفة
تبدّلت المخاوف. كنا نخاف من آبائنا، واليوم نخاف عليهم. التغيرات النفسية مع النضج جعلتنا أكثر حساسية تجاه من نحب، وأكثر وعيًا بقيمة العائلة.
لم نعد نحب الجدال
كبرنا فصار الصمت ردّنا الأقوى. لا نضيع وقتنا في جدالات عقيمة، حتى إن كنا على صواب. تركنا الأيام تُثبت وجهات نظرنا، وأدركنا أن النقاش أحيانًا لا يُقنع، بل يُتعب.
كبرنا وصرنا نداوي أنفسنا بأنفسنا
لم نعد نتحدث كثيرًا عن مشاعرنا، ولا نشتكي من الألم. تعلمنا أن الصمت دواء، وأن الجراح تُشفى ببطء إن لم ننبشها بالكلام. نفرح بصمت، نبكي بصمت، نضحك بابتسامة خجولة، ولم نعد نُخدع بالكلمات المعسولة.
لم نعد نُحكم على أحد
كبرنا فقلّت أحكامنا على الآخرين. صرنا نقول: “الله يعين الناس” بدلًا من إطلاق الأحكام. علمتنا الحياة أن لكل إنسان معركة لا نراها.
كبرنا فصرنا نرى الجوهر
عرفنا أن المظاهر خداعة، وأن الذهب الحقيقي لا يلمع بالضرورة. كبرنا بما يكفي لنفهم أن من يظن أنه استغفلنا، إنما خدع نفسه فقط.
تعلمنا الصبر، وتعلمنا التجاهل
كبرنا وصرنا نعرف متى نسامح، ومتى نتغابى عن قصد. تعلمنا أن الانتقام لا يليق بأرواح ناضجة، وأن السلام الداخلي لا يُقدّر بثمن.
اكتفينا بأنفسنا
لم نعد ننتظر شيئًا من أحد. تعلمنا أن الاكتفاء هو مفتاح السعادة، وأننا نحن من نصنع قيمتنا، لا الآخرون.
كبرنا وهدأنا
نعم، كبرنا بهدوء… لا صخب، لا ضجيج، فقط نضج عميق يملأنا من الداخل، يجعلنا نبتسم في وجه الحياة، ونمضي بثقة، حتى في أصعب الطرقات.
النضج ليس مرحلة نعلنها، بل حالة نعيشها بصمت. حين نكبر، لا نحتاج لتفسير تغيّراتنا لأحد، لأننا ببساطة أصبحنا نفهم أنفسنا جيدًا. هذه هي رحلة النضج الهادئ، التي يخوضها كل إنسان بصورته الخاصة.