مصر التي مصّرت الأديان: كيف يتشارك المسلمون والمسيحيون نفس العادات بطابع فرعوني عميق

في مصر، لا تحتاج أن تبحث كثيرًا عن الوحدة، فهي متغلغلة في التفاصيل اليومية، وتنبض بها الشوارع والمناسبات.
في هذا البلد، يأكل المسلم والمسيحي من نفس الطبق، ويشعلان الشمعة ذاتها، ويغنيان لنفس الذكرى، ويزوران القبر ذاته في العيد.
فكما يقول البعض:
“مصر لا يدخلها دين إلا ويصطبغ بطابعها… هي لا تعتنق، بل تُصهر.”
🍪 كحك العيد… وسكر بودرة واحد
المصريون، مسلمون كانوا أم مسيحيين، يتشاركون نفس الكحك “أبو سكر بودرة” في الأعياد.
هو نفسه الكحك الذي له جذور في العصور الفرعونية، وكان يُقدَّم في المعابد، ثم تبنّاه الإسلام والمسيحية، فصار جزءًا من فرحة العيدين: الفطر للمسلمين، والميلاد والقيامة للمسيحيين.
🐟 الفسيخ… من عيد لآخر
كذلك الحال مع الفسيخ، الذي يُؤكل لدى المسلمين أول يوم عيد الفطر، بينما يحتفل به المسيحيون في شم النسيم – ويشاركهم فيه المسلمون أيضًا!
الطعام نفسه، والمناسبة مختلفة، لكن المائدة واحدة والفرحة موحّدة.
🕯️ مقام السيدة زينب وكنيسة سانت تريز… شموع واحدة
في مصر، لا عجب أن تجد شموعًا تُشعل في مقام السيدة زينب وكنيسة سانت تريز على حد سواء، بنفس الطقوس ونفس الرجاء.
المصري لا يرى فرقًا بين ضريح وكنيسة عندما يتعلق الأمر بـ الدعاء والنية الطيبة، فالمكان في روحه لا بدينه.
⚰️ الأربعين… تقليد فرعوني مستمر
حين يُتوفى شخص، يحيي المسلم والمسيحي في مصر ذكرى “الأربعين”، وهي عادة لا تنتمي لا إلى الشريعة الإسلامية ولا إلى العقيدة المسيحية، بل تعود إلى عقيدة التحنيط عند المصريين القدماء، حيث كان يُعتقد أن الروح تعود للجسد بعد أربعين يومًا، ولهذا كان يُؤجل دفن الميت.
🕌⛪ رمضان.. والفوانيس في بيوت الأقباط
قد تكون مصر الدولة الوحيدة في العالم التي يحتفل فيها المسيحيون بشهر رمضان.
يُزينون بيوتهم بالفوانيس، ويتبادلون التهاني مع جيرانهم المسلمين، وربما يصومون معهم احترامًا أو محبة، دون أي شعور بالغربة.
💔 الطلاق وتعدد الزوجات… رؤية مصرية متفرّدة
رغم أن الشرع الإسلامي يُجيز التعدد، إلا أن المصريين المسلمين غالبًا يرفضونه اجتماعيًا، بل يستنكرونه في الثقافة العامة.
أما الطلاق، فمرفوض شعبيًا لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء، ما يعكس طبيعة مصرية تنحاز للاستقرار الأسري والأمان الاجتماعي، بغض النظر عن النصوص الدينية.
💐 زيارة المقابر… و”الرحمة والنور”
في الريف والمناطق الشعبية، تجد المسلم والمسيحي يزوران المقابر يوم العيد، يقرؤون الفاتحة أو الصلاة، ويضعون على القبور أقراص الرحمة والنور والورود.
كأنهم يُعيدون على موتاهم، أو يُشاركونهم الأكل، كما فعل الأجداد الفراعنة حين وضعوا الطعام مع الجثث كي “تأكله الروح” في العالم الآخر.
✨ مصر لا تتدين… بل تُصهر
مصر مصَّرت المسيحية ومصَّرت الإسلام.
الأديان دخلت إلى أرضها، فذابت في حضارتها، وتشربت من ترابها، حتى لم تعد تعرف أين ينتهي الدين وأين تبدأ مصر.
المصريون لم يسمحوا للأديان أن تفرقهم، بل وحّدوها بلغة الموروث والتاريخ والعِشرة.
في مصر، الأديان تتشابه في العادات، وتتمازج في التفاصيل، لأن الأصل واحد: الإنسان المصري.