حكايات الصحة

نيفولوماب: العلاج المناعي الثوري الذي يغير مستقبل علاج السرطان

أمل جديد يشرق في عالم الطب بعد إعلان بريطانيا الموافقة على استخدام دواء نيفولوماب (Nivolumab) لعلاج 15 نوعًا مختلفًا من السرطان، في خطوة وُصفت بأنها “نقطة تحوّل غير مسبوقة” في مواجهة أحد أخطر أمراض العصر.

ما هو نيفولوماب؟

نيفولوماب هو علاج مناعي ثوري يُستخدم في علاج السرطان، ينتمي إلى فئة تُعرف باسم مثبطات نقاط التفتيش المناعية (Immune Checkpoint Inhibitors). يعتمد هذا العلاج على آلية فريدة تُعيد تنشيط الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية بشكل مباشر.

يقوم نيفولوماب باستهداف بروتين يُدعى PD-1 (Programmed Death-1)، وهو بروتين يوجد على سطح الخلايا التائية (T-cells) في الجهاز المناعي. هذا البروتين تستخدمه الخلايا السرطانية كوسيلة للاختباء من الجهاز المناعي، حيث تمنع استجابة الجسم الطبيعية ضد الورم. هنا يأتي دور نيفولوماب، إذ يقوم بتعطيل هذا “الدرع” المناعي الزائف، ما يسمح للجهاز المناعي بالتعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها بفاعلية.

ما أنواع السرطان التي يعالجها نيفولوماب؟

بحسب التصريحات الرسمية من هيئة الصحة البريطانية، تمت الموافقة على استخدام نيفولوماب لعلاج أكثر من 15 نوعًا من السرطان، من بينها:

سرطان الرئة

سرطان البروستاتا

سرطان القولون

سرطان الكبد

سرطان الجلد (الميلانوما)

سرطان المعدة

وسرطانات أخرى في مراحل متقدمة أو مقاومة للعلاج


لماذا يُعد نيفولوماب تطورًا هائلًا في الطب؟

على عكس العلاج الكيميائي أو الإشعاعي التقليدي، نيفولوماب لا يُهاجم الخلايا بشكل عشوائي، بل يُحفز الجسم نفسه على التعرف على السرطان ومواجهته. هذا النوع من العلاج يُعد أكثر دقة، وأقل ضررًا على الخلايا السليمة، ما يعني آثارًا جانبية أقل واستجابة أفضل لدى المرضى.

أبرز فوائد نيفولوماب:

فعالية عالية في السرطانات المتقدمة
تحويل بعض أنواع السرطان إلى أمراض مزمنة يمكن التعايش معها
تحقيق نتائج شفاء جزئي أو كلي لدى بعض المرضى
تحفيز الجهاز المناعي الطبيعي دون الحاجة لتدخلات سامة

نتائج سريرية مذهلة

أظهرت التجارب السريرية التي أُجريت على آلاف المرضى في مراحل مختلفة من السرطان أن نيفولوماب حقق نسب استجابة مرتفعة، حتى لدى المرضى الذين فشلوا في الاستجابة للعلاجات التقليدية. كما لوحظ أن فترات البقاء على قيد الحياة قد زادت بشكل كبير، ما يُعزز من فرص الشفاء أو السيطرة طويلة الأمد على المرض.

رأي الخبراء

وصفت هيئة الصحة البريطانية إدراج نيفولوماب ضمن بروتوكولات العلاج بأنه “لحظة تاريخية” و”نقلة نوعية في تاريخ الطب الحديث”. وأكد الأطباء أن هذا العلاج يُعيد الأمل لملايين المرضى حول العالم، ويجعل من السرطان تحديًا قابلًا للسيطرة، بدلًا من حكم نهائي بالموت.

نظرة مستقبلية

مع استمرار الأبحاث والتجارب على العلاجات المناعية، يبدو أن نيفولوماب مجرد بداية لعصر جديد في الطب، تُستخدم فيه البيولوجيا الذكية والذكاء المناعي بدلًا من الأسلحة الكيميائية الثقيلة. إذا استمرت النجاحات السريرية، فإننا قد نكون على أعتاب تحويل السرطان من قاتل صامت إلى مرض مزمن يمكن التعايش معه أو حتى القضاء عليه نهائيًا.

نيفولوماب ليس فقط دواءً جديدًا، بل هو ثورة في عالم الطب الحديث. اعتماد بريطانيا له لعلاج أنواع متعددة من السرطان يُعد رسالة أمل قوية لكل المرضى حول العالم. الطريق ما زال طويلًا، لكن الأمل أصبح أقرب من أي وقت مضى.

العلاج بالمناعة ليس حلمًا بعد اليوم.. بل واقع ينبض بالحياة.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى