
بين الطفولة والمراهقة: دليل مبتكر للتعامل مع البنات من ٨ إلى ١٢ سنة
المرحلة التي تمتد من ثمانية إلى اثني عشر عاماً تشكّل جسرًا حيويًا بين الطفولة البريئة وبداية المراهقة، وتحمل معها موجةً من التغيرات الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية. التعامل معها بذكاء ووعي يضمن بناء علاقة ثقة واستقرار عاطفي. في هذا المقال ، نقدم لك وصفة متكاملة للتواصل الفعّال مع بنات هذه المرحلة، بأسلوب شيّق وسهل التطبيق.
١. فهم الخصائص الأساسية للمرحلة (٨–١٢ سنة)
1. التقلب المزاجي المفاجئ
قد تبدو الفتاة ناضجة ومتزنة في جملةٍ من المواقف، وفي الدقيقة التالية تنهار بسبب موقف بسيط.
السبب: تذبذب هرمونات النمو وتفاعلها مع ضغط الأصدقاء والمدرسة.
2. اكتشاف الذات وبناء الهُوية
تبحث عن اهتمامات جديدة (هوايات، أصدقاء، طموحات).
تحتاج من يرشدها إلى فرص تجربة آمنة بعيداً من الأحكام المسبقة.
3. الرغبة في الاستقلال والاعتماد على النفس
ترد بـ “أنا حرة” عندما يشعر أحدهم أنّه يفرض عليها شيئاً.
لكنها في الوقت ذاته تبحث عن الحماية والحنان.
4. نشأة المشاعر المعقدة
خوف، قلق من المستقبل، سعادة متدفقة أو انطواء.
ضربات القلب الأولى للإعجاب أو الرفض من جانب الأقران.
٢. قواعد ذهبية للتواصل الفعّال
2.1 الاستماع بعمق ومتابعة الاهتمام
أولوية الاستماع: اجعل جلستك معها خالية من المشتّتات (الهاتف، التلفاز).
لغة الجسد المشجعة: انحناء بسيط للأمام، نظرة في العين، ونبرة هادئة.
التلخيص العكسي: بعد الاستماع، كرّر بإيجاز ما سمعتِه لتشعر بأنها مسموعة فعلاً.
2.2 التعزيز الإيجابي ومدح التصرفات السلوكية
تسليط الضوء على النجاحات: عبري عن فخرِك بما أنجزته، حتى لو كان صغيراً (مثلاً: “أنا فخورة إنك رتّبتِ غرفتك بنفسك”).
تقنيات الثناء الفعّال: بدلاً من “أنتِ ذكية”، قولي “أنا معجبة بالطريقة اللي فكّرتِ فيها لحل المشكلة”.
2.3 وضع الحدود بحب ووضوح
تحديد القواعد مسبقاً: عند بداية الدراسة مثلاً، اذكري أوقات الواجب واللعب.
استخدم لغة “نحن”: “نحن نحترم الوقت” أفضل من “أنتِ لا تحترمين المواعيد”.
العواقب المنطقية: إذا أُخِلّ بالقاعدة، يجب أن يكون هناك نتيجة متناسبة (تأخير في وقت الترفيه، مثلاً).
2.4 تشجيع التعبير عن المشاعر بالكلام
علّميها مفردات عاطفية: “أنا غاضبة”، “أنا متوتّرة”، “أنا سعيدة”.
نشّطوا القصص الرمزية: مثل قراءة حكاية عن شخصية تواجه مشاعر ومناقشتها بعد الانتهاء.
استخدام الرسم أو الكتابة: أحياناً يجد الأطفال سهولة التعبير بالرسم عن الغضب أو الحزن.
2.5 الابتعاد عن المقارنات والألقاب الجارحة
لكل فتاة هويتها الخاصة: لا تقارنيها بأختها أو صديقتها.
تجنّب الألقاب السلبية: “كسولة”، “مزاجية” إلّا إن كانت دعابة لطيفة دون تجريح.
التأكيد على التفرد: ذكّريها دائماً بأنّ قيمتها لا تُقارن بقيمة غيرها.
٣. نصائح عملية للآباء والمعلمين
1. اجتماعات عائلية قصيرة
خمس إلى عشر دقائق يومياً حول “ما الجديد في يومك؟”.
2. نظام مكافآت بسيط
رسائل تشجيعية، ملصقات، أو حتى خريطة تقدّم رموزاً للجوائز البسيطة.
3. أنشطة مشتركة ممتعة
قراءة كتاب، إعداد وجبة خفيفة، أو جولة في الحديقة.
4. متابعة الأصدقاء الإيجابيين
شجعيها على تقدير الصداقات التي تبنيها وتشجّعها على أن تكون أفضل.
5. التحلي بالصبر
أهمّ عامل: الصبر، لأن النتائج قد لا تظهر فوراً، بل بالتراكم اليومي.
٤. خلاصة: دعميها لتكتشف نفسها
تذكّر دائماً أنّ خلف كلّ تصرفٍ “عصبي” أو “عنيد” في هذه المرحلة، هناك طفلة تبحث عن هويتها وتحتاج الدفء والقبول.
كونك سنداً لها اليوم يبني ثقتها غداً، ويجعلها شابة قادرة على مواجهة التحديات بثبات وطمأنينة.
> “أنا بتغير… ساعدني أفهم نفسي”
بالعناية والحنان والوضوح، تعبر هذه المرحلة بسلاسة، وتكبر وهي تعرف أنّ هناك من سمعها، فهمها، ودعمها دون قيد أو حكم.