🎨 محمود سعيد… رائد المدرسة المصرية الحديثة في الفن التشكيلي

في قلب مدينة الإسكندرية، وعلى مقربة من مسجد سيدي أبي العباس المرسى، وُلد فنان مصري استثنائي استطاع أن يخلّد صورة مصر الشعبية ببصمة تشكيلية راقية.
إنه الفنان محمود سعيد، أحد أوائل مؤسسي المدرسة المصرية الحديثة في الفن التشكيلي، والذي ترك وراءه تراثًا بصريًا لا يُنسى، جمع بين الحس الشعبي والأناقة الأكاديمية، وبين العمق الشرقي والانفتاح الأوروبي.
🧑🎨 من هو محمود سعيد؟
وُلد محمود سعيد في 8 أبريل 1897 في الإسكندرية، وتوفي في نفس اليوم عام 1964.
ينتمي إلى عائلة أرستقراطية معروفة، وكان والده هو محمد سعيد باشا، رئيس وزراء مصر الأسبق، أي أنه نشأ في بيئة ميسورة وذات طابع ثقافي راقٍ، الأمر الذي مكّنه من تلقي تعليم مميز وصقل موهبته منذ الصغر.
رغم دراسته للقانون وحصوله على جائزة الحقوق الفرنسية عام 1919، إلا أن شغفه الحقيقي كان دائمًا في الفن والرسم، فقرر في نفس العام السفر إلى باريس، حيث التحق بأكاديمية “جولتان” للفنون، ودرس هناك لعدة سنوات.
🖼️ “بنات بحري”: عندما يتحول الحي الشعبي إلى أيقونة فنية
من أبرز لوحاته وأكثرها شهرة، تأتي لوحة “بنات بحري”، التي صوّر فيها فتيات منطقة رأس التين وحي الجمرك في الإسكندرية، تحديدًا في الحي الشعبي المعروف بـ”بحري”.
صوّرهن في الملاءة اللف السكندرية، وهن يتجولن بخطواتهن الواثقة على الكورنيش أو الأزقة، يحملن روح البحر والتاريخ والإسكندرية القديمة في ملامحهن.
وقد حققت اللوحة نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، بل أصبحت رمزًا فنيًا يعكس جمال المرأة المصرية بطابعها الشعبي الأصيل.
🎨 أسلوبه الفني ومدرسته
تميّز محمود سعيد بأسلوب فني فريد، يجمع بين:
- المدرسة الكلاسيكية الأوروبية التي تلقى تعليمها في باريس
- والروح المصرية الشرقية التي تأصلت بداخله من البيئة السكندرية
وكان بارعًا في رسم الوجوه والبورتريهات، بالإضافة إلى مناظره الطبيعية والمشاهد الاجتماعية، لكنه اشتهر أكثر بـ رسم المرأة المصرية، تحديدًا الفتاة الشعبية التي جعل منها بطلة لوحاته.
تُصنَّف أعماله ضمن المدرسة الحديثة للفن المصري، التي مهدت الطريق لأجيال من الفنانين التشكيليين من بعده.
🏛️ مكانته في تاريخ الفن
لا يُعد محمود سعيد مجرد فنان مميز، بل هو أحد أهم رموز الفن المصري والعربي في القرن العشرين.
وقد كتبت عن حياته وأعماله دراسات نقدية كثيرة، كما تُعرض لوحاته اليوم في:
- متحف محمود سعيد للفنون في الإسكندرية
- مجموعات فنية عالمية في أوروبا والعالم العربي
- متاحف ومزادات دولية تحتفي بتاريخه الإبداعي
✨ إرث لا يُنسى
ترك محمود سعيد خلفه إرثًا تشكيليًا خالدًا، ليس فقط من خلال لوحاته، بل من خلال أسلوبه ورؤيته، التي جعلت من الفن التشكيلي وسيلة للتعبير عن الهوية المصرية بكل تفاصيلها الشعبية والاجتماعية والثقافية.
ا