
عندما نفكر في أعماق الأرض، غالبًا ما نتخيل الجبال أو الكهوف أو ربما قيعان البحار.
لكن الحقيقة أن هناك مكانًا واحدًا يُعد أعمق نقطة معروفة على كوكب الأرض، وهي ليست على اليابسة… بل في قاع المحيط!
نتحدث هنا عن خندق ماريانا، أعمق خندق محيطي تم اكتشافه حتى الآن، والذي لا يزال يحتفظ بأسرار مدهشة عن الحياة، الجيولوجيا، وضغط يفوق التصور.
🌍 أين يقع خندق ماريانا؟
يقع خندق ماريانا في غرب المحيط الهادئ، إلى الشرق من جزر ماريانا الشمالية، بين الفلبين واليابان.
ويقع تحديدًا على بُعد حوالي 200 كيلومتر جنوب غرب جزيرة “جوام”، والتي تُعد أقرب جزيرة كبيرة له، وهي تابعة للولايات المتحدة.
كما أنه يبعد ما يقارب 2500 كيلومتر عن مدينة مانيلا عاصمة الفلبين، ويصل طوله إلى 2550 كيلومترًا، بينما يبلغ عرضه حوالي 70 كيلومترًا.
🕳️ ما عمق خندق ماريانا؟
أعمق نقطة في الخندق تُعرف باسم “تشالنجر ديب” (Challenger Deep)، وقد تم قياس عمقها بحوالي 11,034 مترًا (أي أكثر من 11 كيلومتر تحت سطح البحر!)، وهو عمق يفوق ارتفاع جبل إيفرست لو تم وضعه داخل المحيط.
ولتقريب الصورة:
لو أسقطنا جبل إيفرست (أعلى جبل على اليابسة بارتفاع 8848 مترًا) داخل خندق ماريانا، سيغمره الماء بالكامل وسيظل هناك أكثر من 2000 متر فوق قمته!
🤿 ما الذي يوجد في هذا العمق؟
رغم الظروف القاسية في خندق ماريانا، مثل:
- ضغط رهيب يصل إلى أكثر من 1000 مرة من الضغط الجوي
- ظلام دامس
- درجات حرارة منخفضة جدًا
فقد تم رصد كائنات حية دقيقة وهشة تعيش هناك، مثل بعض أنواع القشريات، الديدان، وحتى كائنات تشبه الأسماك ولكن بتكوين جسماني مختلف كليًا.
هذه المخلوقات تطورت بطرق مذهلة لتحمّل الضغط الهائل والظروف القاسية، مما يجعلها موضوع دراسة هائل للعلماء والباحثين في علوم الأحياء البحرية.
🧠 هل زار الإنسان خندق ماريانا؟
نعم، تمكّن عدد قليل جدًا من الأشخاص من الوصول إلى أعمق نقطة في الخندق، من بينهم:
- جاك بيكار ودون والش في عام 1960 على متن الغواصة “تريست”.
- المخرج جيمس كاميرون في عام 2012، الذي قام برحلة فردية إلى “تشالنجر ديب” على متن الغواصة Deepsea Challenger، وسجل لقطات مذهلة.
هذه الزيارات شكلت محطات هامة في استكشاف أعمق بقعة في المحيطات، وفتحت المجال أمام أبحاث متقدمة عن الحياة في الأعماق.
🌐 لماذا يعتبر خندق ماريانا مهمًا؟
- يساعد في فهم الجيولوجيا التكتونية، خاصة حدود الصفائح المحيطية.
- يُعتبر مختبرًا طبيعيًا لفهم تكيّف الحياة تحت أقسى الظروف.
- يُحتمل أن يحتوي على موارد معدنية نادرة لم تُستكشف بعد.
خلاصة
خندق ماريانا ليس مجرد مكان عميق في قاع المحيط… بل هو عالم آخر من الأسرار تحت سطح الأرض، ينتظر أن يُكتشف.
رغم التطور الهائل في التكنولوجيا، إلا أن أعماقه ما زالت تحمل ألغازًا لا نعرف عنها الكثير، وربما يكشف لنا المستقبل عن عجائب لا تخطر على بال.