من شبرا الكوزموبوليتانيه الي الإسكندرية
،،،،،،،،،
داليدا في شبرا 💙
يقع منزل «داليدا» فى ١١ شارع «خمارويه» المتفرع من شارع شبرا الرئيسى، بالقرب من كنيسة «سانت تريزا» الكاثوليكية، التى كانت من أهم الكنائس المفضلة للجالية الإيطالية فى القاهرة.
كان حى شبرا آنذاك حيًا «كوزمبوليتانى»، يقصده المهاجرون من شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى المصريين المهاجرين من الريف.
ولدت الطفلة يولاندا كريستينا جيجليوتى، التى اشتهرت بـ«داليدا» فى الحى العريق لأبوين إيطاليى الأصل، تعود أصولهما إلى جزيرة كالابريا فى جنوب إيطاليا. وبدأت حياتها بالمشاركة فى مسابقة ملكة جمال وفازت بها عام ١٩٥٤، وشاركت فى نفس العام فى فيلم «سيجارة وكأس»، ثم رحلت إلى فرنسا.
فى لقاء تليفزيونى، ظهرت فيه «داليدا»، سألها المذيع: «ما الأشياء التى تتذكرينها عن مصر؟» ردت: «لا يمكن أن أنسى رائحة الجاتوه الذى كانت تصنعه لنا والدتى فى رأس السنة، ولا صورة والدى عندما كان يضع السيجار فى فمه أثناء نزوله للعمل فكان يمثل لى الإله».
عام ١٩٧٩، غنت «داليدا» أغنية «سالمة يا سلامة» من كلمات صلاح جاهين، التى حققت نجاحًا كبيرًا، فغنتها بأكثر من لغة، وكانت فاتحة لسلسلة من الأغنيات العربية التى غنتها فى أيامها الأخيرة مثل «حلوة يا بلدى».
وذكر محمد سلماوى فى كتابه «يومًا أو بعض يوم»، أنه التقى صلاح جاهين فى شارع جامعة الدول العربية، فأحضر شريط كاسيت ووضعه فى جهاز التسجيل، فإذا بصوت «داليدا» ينطلق ويسمع «سالمة يا سلامة» لأول مرة، وكانت هى المرة الأولى أيضًا التى تغنى فيها باللغة العربية.
استمعا إلى الأغنية أكثر من مرة، فإذا بصلاح جاهين يهب واقفًا وهو يصيح:
– إيه ده؟ دى غيرت فى الكلام!
كانت كلمات الأغنية تقول: «فيه شجرة جوّه جنينة عليها علامة، أنا ياما كنت بافكر فيها وباسأل ياما، يا ترى موجودة؟ وقلبى محفوظ فيها؟ أيوه موجودة، وقلبى محفوظ فيها»، فشرح «جاهين» لـ«سلماوى» أنه كتب «قلبى محفور فيها» وليس «محفوظ فيها»، وكان قد كتب لها كلمات الأغنية بالحروف اللاتينية لكى تتمكن من قراءتها، لكن الحرف الأخير من كلمة «mahfour» اختلط عليها فقرأته على أنه «z» وليس «r».
لكن، بعد أن استمعا- «سلماوى» و«جاهين» إلى الأغنية، قال الشاعر: «تصدق كده أحلى»، على أساس أن وجود قلب «داليدا» محفوظ داخل شجرة فى مصر يحمل معنى أعمق وأجمل من مجرد أن يكون مرسومًا عليها.
وفى أوائل الثمانينيات، عادت «داليدا» مرة أخرى إلى مسقط رأسها «شبرا»، بصحبة أخويها ومدير أعمالها والمخرج الراحل يوسف شاهين والفنان محسن محيى الدين والمخرج خالد يوسف، وكان وقتها مساعد مخرج.
دخلت منزلها وتم تصويرها فى «البلكونة» وهى تراقب بائعى الشارع، وفى مدخل المنزل، وفوجئت بتغير البيت، قالت: «يا إلهى، هذا البيت كان أبيض، كيف أصبح، لم تكن هناك شرفتان بالأعلى، لقد كان تراس».
وعندما صعدت سلالم المنزل بكت بحرقة، وقالت: «أمضيت طفولتى فى هذا الحى، وكان حيًا شعبيًا، وحين عدت لم أستطع أن أتعرف على منزلى، لأنه تغير».
وبعد جولة فى غرف المنزل، تذكرت والدها وعلاقتها به، ورددت: «لم أعرف أبى فترة طويلة، لأنه مات عندما كان عمرى ١٢ عامًا، وكان عازف الكمان الأول فى الأوبرا بالقاهرة».
أخذت تستعيد طفولتها مع والدها الذى كانت تظن أنها تكرهه، لكنها عرفت بعد وقت طويل أن كل هذا الكره ما هو إلا وجه آخر للحب، الحب الكبير: «فى طفولتى لم أحب أبى، كنت أكرهه، وبعد ذلك عرفت أن تلك الكراهية كانت أقوى من الحب نفسه».
،،،،،،،،،