حكايات متنوعة

🧠 نظام التفاهة: كيف أصبح الابتذال هو الطريق الأسرع نحو الشهرة؟

في عالم كان يُحتفى فيه بالعلماء والمبدعين وأصحاب الرسالة، تغير كل شيء فجأة. لم يعد النجاح يُقاس بالمعرفة أو القيم، بل أصبح يُقاس بعدد المتابعين، وعدد المشاهدات، و”الترند” اليومي!

في كتابه الشهير “نظام التفاهة”، يطرح الفيلسوف الكندي آلان دونو فكرة صادمة، لكنها واقعية جدًا:

“لقد حسم التافهون المعركة لصالحهم.”

هذا الكتاب لا يتحدث عن أشخاص بعينهم، بل عن منظومة متكاملة من القيم الهابطة، تُنتج وتُكرر وتُسوّق لتُصبح القاعدة، ويُقصى كل من يحمل فكرًا أو رسالة أو ذوقًا رفيعًا.


📖 ما هو نظام التفاهة؟

“نظام التفاهة” لا يعني فقط وجود أشخاص تافهين، بل يشير إلى تحوّل كامل في الذوق العام والمعايير الاجتماعية.
يقول دونو:

“في ظل غياب القيم والمبادئ الراقية، يطفو الفساد المبرمج على السطح، ذوقًا وأخلاقًا وسلوكًا.”

هذا النظام لا ينتج إلا ما هو هابط، ويمنح الشهرة والتأثير للأشخاص الأكثر سطحية، في حين يُقصى المثقفون والمفكرون وأصحاب المواقف.


📱 دور وسائل التواصل الاجتماعي في صناعة التفاهة

من أبرز النقاط التي يناقشها الكتاب هي مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت أداة قوية في ترميز التافهين.
فبحسب دونو، أصبح بإمكان:

  • جميلة بلهاء أو
  • وسيم فارغ المحتوى

أن يتحولوا إلى “رموز جماهيرية” تُتابَع بالملايين، فقط لأنهم يُقدمون محتوى تافهًا أو صادمًا.

ويضيف:

“أصبحت المنصات الإعلامية مليئة بأصوات ضبابية، لا تُنتج أي قيمة فكرية، ولا تساهم في تطوير الوعي الجمعي.”


🎭 لماذا ينجح التافهون في هذا الزمن؟

لأن نظام التفاهة يُكافئ الابتذال، ويُقصي العمق.
كلما كان المحتوى:

  • أسهل في الفهم
  • أكثر خفة وسطحية
  • أكثر إثارة وضجيجًا

زاد تداوله وزادت شهرته.
وبذلك، يُصبح “الترفيه الفارغ” هو المسيطر، و”التفكير العميق” هو المُهمّش.


🧠 التأثير الثقافي والاجتماعي

نظام التفاهة لا يؤثر فقط في الفن أو الإعلام، بل يمتد ليطال:

  • الخطاب السياسي: حيث تُختزل القضايا الكبرى في شعارات فارغة
  • الوظائف والمناصب: حيث تُمنح الفرص لمن يُجيد التملق بدلًا من الكفاءة
  • التعليم: حيث يُعزف عن الفلسفة والتفكير النقدي لصالح “التلقين السهل”
  • المجتمع: حيث يُعاد تعريف النجاح على أنه شهرة، لا إنجاز

💡 هل من أمل؟

رغم قتامة الصورة، إلا أن فهم “نظام التفاهة” هو الخطوة الأولى نحو مقاومته.
أن نعيد إحياء الذوق الرفيع، الفكر النقدي، والوعي المجتمعي، وأن نمنح الدعم والفرص لصنّاع المحتوى القيم، لا الباحثين عن ترند رخيص.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى