حكايات متنوعة

جسدها ما زال مشعًا: ماري كوري… العالمة التي سيظل إشعاعها قاتلًا لـ1500 سنة أخرى!

ندما نتحدث عن العلماء الذين غيروا مجرى العلم والتاريخ، لا يمكن أن نغفل اسم ماري كوري، المرأة التي كسرت كل الحواجز لتصبح أول إنسان — وليس فقط أول امرأة — يفوز بجائزتي نوبل في مجالين مختلفين: الفيزياء والكيمياء.
لكن وراء هذا الإنجاز العلمي الرائع، قصة مدهشة ومخيفة في آنٍ واحد… قصة إشعاع قاتل سيبقى لأكثر من 15 قرنًا!


من هي ماري كوري؟

ولدت ماري كوري عام 1867 في بولندا، وهاجرت لاحقًا إلى فرنسا لاستكمال دراستها في الفيزياء والكيمياء. مع زوجها بيير كوري، بدأت أبحاثها حول العناصر المشعة، وتمكنت من اكتشاف عنصري البولونيوم والراديوم، الأمر الذي أحدث ثورة علمية هائلة في ذلك العصر.

كانت كوري أول امرأة تُدرّس في جامعة السوربون، وأول من حصل على جائزتي نوبل:

  • نوبل في الفيزياء عام 1903 (مشاركة مع زوجها بيير)
  • نوبل في الكيمياء عام 1911 لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم

الإشعاع القاتل: الحقيقة التي اكتُشفت متأخرة

في بدايات القرن العشرين، لم يكن العلماء يعلمون مدى خطورة التعرض المستمر للإشعاعات النووية. ماري كوري كانت تحمل أنابيب اختبار تحتوي على الراديوم في جيب معطفها، وتُخزن المواد المشعة في أدراج مكتبها دون أي حماية تذكر.

بل كانت تُحب توهّج المادة في الظلام، وتحتفظ بها قرب سريرها أحيانًا. ومع مرور السنوات، بدأت تظهر أعراض التسمم الإشعاعي عليها: فقدان الوزن، تعب مزمن، وفقر دم شديد.

توفيت عام 1934 نتيجة فقر دم لا تكسري ناتج غالبًا عن التعرض الطويل للإشعاع، ولكن المفاجأة كانت أن آثار الإشعاع لم تتوقف عند موتها…


جسدها… ما زال مشعًا حتى اليوم!

حتى بعد مرور أكثر من 100 عام على وفاتها، لا تزال ماري كوري تشع إشعاعًا خطيرًا!
دفاترها، كتبها، وحتى متعلقاتها الشخصية التي استخدمتها خلال أبحاثها، ما زالت مشعة، ولا يمكن لمسها دون ارتداء معدات حماية خاصة. بل إن جسدها نفسه لا يزال مصدرًا للإشعاع!

ولذلك، عندما دُفنت ماري كوري في مقبرة العظماء بباريس (Panthéon)، تم وضع جثمانها داخل تابوت مبطن بطبقة من الرصاص بسماكة 5.4 سنتيمتر لحماية الزوار والعاملين من الإشعاع.


لماذا يستمر الإشعاع كل هذه المدة؟

السبب في استمرار الإشعاع لفترة طويلة يعود إلى خاصية تُعرف بـ “عمر النصف”، وهي المدة التي يستغرقها العنصر الإشعاعي ليخسر نصف طاقته.
نظير الراديوم الذي استخدمته كوري يمتلك عمر نصف يقارب 1600 سنة!
وهذا يعني أن الإشعاع الناتج عن مقتنياتها وجسدها سيبقى خطيرًا حتى عام 3500 ميلادي تقريبًا!


إرث ماري كوري العلمي

رغم هذا الجانب المظلم، تبقى ماري كوري رمزًا للعلم والشجاعة، فقد ساهمت أبحاثها في تطوير علم الطب النووي، والعلاج الإشعاعي لمرضى السرطان، وفتحت الأبواب أمام النساء في ميادين العلوم.

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى